أعماق الساحل الليبي مناطق مفقودة ضمن قائمة سياحة الغوص
السبت, 13 فبراير - النوار 2010
الساحل الليبي مقومات واعدة
أخد نشاط مجال السياحة في التشعب مع تطور المفاهيم والمضامين المؤطرة للقطاع، ضمن منظومة اقتصادية واجتماعية وترفيهية، تراعي الجوانب كافة، وتحدد مسؤوليات كل الجهات المعنية، من مسيرين، وقائمين على تنظيم البرامج السياحية، والمستثمرين، وتوفر متطلبات وشروط نجاح الأنماط السياحية، بالإضافة إلى وضع الضوابط، وترتيب الأولويات، وفق خطط تنفيذية قصيرة، ومتوسطة، وطويلة، فضلاً عن تحديد المقومات الأولية، التي تمثل الركيزة الأساسية للنشاط السياحي .
والمتتبع لخارطة الأنماط السياحية في العالم اليوم، يلاحظ الاهتمام المتواصل، والمتابعة الدقيقة من قبل الجهات المعنية بالقطاع في الوجهات السياحية، التي أضحت رائدة القطاع، بل وأن السياحة كمجال اقتصادي أصبح يقود قاطرة اقتصاد عدد من الدول، وبدأت السياحة بمايتوافر لها من مقومات طبيعية أو تاريخية مجال ابتكار، يفتح مصرعيه أمام الأفكار المتجددة، تستقطب سنوياً ملايين السياح، وسط مناطق معزولة وربما تفتقد الإمكانيات، غير أنها ومع مرور الوقت باتت ضمن المقاصد الأولى في العالم، ومن بين الأنماط السياحية التي كان لها الدور الكبير في هذا الجانب، يبرز نمط سياحة الغوص والرياضات البحرية، وبقوة فعلى خارطة منظومة الجدب، وأصبح لها روادها وممارسوها، ونظمت أعمالها تحت رعاية منظمات دولية تهتم بالتفتيش على مراكزها، وتمنحها الرخص المعترف بها دولياً.
ونطرح عبر مقالتنا أسئلة مفادها هل لدينا في ليبيا البلد الذي يمتلك أطول ساحل مطل على حوض البحر المتوسط الوجهة التي تستقبل نحو200مليون سائح سنوياً، وماأبرز الفرص الضائعة في ظل غياب الاستثمار الأمثل للمقومات الأولية، وجولة بين أفضل المواقع المهيئة وفق معطياتها الطبيعية لممارسة الغوص والرياضات البحرية، وسبر أعماق المسطحات المائية على طول الشريط الساحلي، وفق أهم التقارير الدولية، وآراء المختصين عن متطلبات ومخاطر ممارسة هذا النمط السياحي؟.
اختارت منظمة السلام الأخضر عدداً من المواقع البحرية المطلة على الساحل الليبي البالغ طوله نحو 1770 كيلومتر، من بين المواقع ذات الخصائص والمعايير القادرة على دعم بقاء الكائنات البحرية، بماتؤمنه من وظائف بيئية، تسهم في نمو وتطور حياة الأجناس البحرية، وتمثل في الوقت نفسه موائل طبيعية لإقامة محميات بحرية، ومن بين تلك المواقع منطقتا خليج سرت، في كونها منطقة لتغذية أسماك التونة، فضلاً عن أن الساحل المحاذي لشواطئ المنطقة يعد موطناً يكتسي أهمية كبيرة ضمن قائمة مناطق تبييض السلاحف البحرية، ويحوي مروجاً من الاعشاب البحرية، ويصنف تقرير المنظمة السواحل الليبية الممتدة من خليج بمبة شرقاً الى شواطئ الزويتينة المطلة على خليج سرت، كواحدة من الجنات العشرالاخيرة في منطقة حوض المتوسط، في كون المنطقة الساحلية تحوي نقاطاً لوضع بيوض السلاحف، فضلا عن انتشار مروج الاعشاب البحرية مما جعل المنطقة بيئة مناسبة لعديد الاحياء البحرية، إلى جانب انتشار الجبال البحرية المقابلة للشواطئ من بينها جبل "هيرودوس"، فهذه المواقع وباعتراف دولي تعد من بين المناطق المطلة على الساحل الليبي المؤهلة أن تكون قطب جدب سياحي.
وقد يطول الحديث ويتشعب، فيمايتعلق بالمقومات الطبيعية على طول الساحل الليبي بتباين تضاريسه، وتتنوع مفرداته البيئية، من جزر، وشواطيء رملية برمالها الصافية، إلى مرتفعات صخرية، وخلجان متعرجة، وغيرها الكثير ممالايمكن حصره، في غياب الدراسات والمسوحات العلمية، فضلاً عن مزاياها الأخرى التي تنفرد بها الطبيعة الخلابة للمواقع الساحلية بجبالها الشاهقة والشواطئ الذهبية والمياه اللازوردية، وشعابها المرجانية بأعماقها الساحرة التي تجذب الغواصين والباحثين في اعماق الطبيعة البكر، عن الشعب المرجانية وآلاف من الأسماك والمخلوقات البحرية .
وتشير معظم آراء المهتمين بسياحة الغوص والرياضات البحرية، أن السواحل الليبية يمكن تصنيفها على كونها واحدة من أهم المناطق البيئية المتميزة لما تتمتع به من خصائص بيئية وطبيعية، تؤهلها لتأسيس واحدة من أكثر الوجهات الرئيسة بحوض البحر المتوسط، لاسيما مع توافر عامل الرياح الذي يشكل مناخاً مناسباً لهواة رياضة ركوب الأشرعة، بالإضافة إلى الأعماق المرجانية بخليج سرت، وسواحل الجبل الأخضر، والخمس، ومصراتة، وبنغازي، وزوارة، وماتحمله من كائنات وأحياء عالم البحار، تشكل في مجملها وبماتحمله من مناظر مشهدية رائعة، عناصر لقيام أنشطة على أسس هذا النمط السياحي، كما أن أعماق الساحل الليبي تحتضن أكبر التجمعات الأثرية، نتيجة هبوط نقاط عديدة في قاع البحر، أو الزلازل المتلاحقة، حيث تشير نتائج المسح الأثري إلى وجود عدد كبير من المدن الأثرية، والسفن، تمثل كنوزاً غارقة تستقطب اهتمام عدد كبير من هواة سياحة الغوص، نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر أهم المواقع، التي بات من المؤكد ومن خلال الدراسات الميدانية وجود شواهد أثرية بأعماقها، في منطقة خليج بمبة، وشواطيء العقلة، وسوسة، والحنية، ورأس الحمام، والعقورية، ورأس الغزالة، ودرنة، ورأس لانوف، وكرسة، وجرجارأمه، ولبدة، وصبراتة، وطلميثة، والتميمي، تمثل أبرز الوجهات لهواة سياحة الغوص، إذا ماتم استثمارها سياحياً، في حين يرى عدد كبير من الأثريين أن فتح الباب أمام سياحة الغوص في هذه المناطق يشكل خطورة على ماتكتنزه من قطع أثرية، قد تقع تحت مخاطر السرقة والتهريب، كما حصل لمواقع متناثرة في الصحراء الليبية، بينما يشير آخرون إلى ضرورة استثمار المقومات المتاحة، وتنميتها سياحياً، وفق أهداف محددة، تراعي عدم المساس بالبيئة البرية والبحرية النباتية بالمناطق المستهدفة، تطبق فيها سياسات غير تقليدية، والاستفادة من تلك المواقع المميزة وتحويلها الى مراكز سياحية قادرة على المنافسة مع المراكز السياحية العالمية.
صحيفة اويا الليبية

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق